كاميرا الألعاب

لست مصوراً محترفاً وفي الغالب لن أكون أبداً، منذ عرفت الكاميرات وأنا أحب التصوير ومع ذلك لم أمارس هذه الهواية كثيراً، تمضي سنوات دون أن أمسك بكاميرا لكنني أقرأ الكثير عن عالم التصوير فشاهدت تطور الكاميرات الرقمية من ألعاب غالية الثمن إلى الكاميرات المسيطرة على السوق ثم عرفت شيئاً يسمى كاميرات الألعاب أو Toy Camera، كنت أقرأ لأناس يستخدمون كاميرات قديمة بلاستيكية

بعدسات بلاستيكية تعطي نتائج غير دقيقة وضبابية وهذا بالضبط ما يريده مستخدموا هذه الكاميرات، الدقة العالية والوضوح التام أمران غير مرغوب بهما في عالم كاميرات الألعاب، النتائج غير المتوقعة والعشوائية هما العنصران الأهم في هذا العالم … كنت كمن اكتشف مخبز حلويات مجاني!
محاولة وضع تعريف موحد لكاميرات الألعاب لن يختلف كثيراً عن محاولة وضع تعريف موحد للإرهاب، الكل لديه تعريف ومقاييس ومن الصعب الاتفاق على تعريف واحد، فمثلاً هناك من يعتبر الكاميرات الفلمية القديمة ضمن هذا الصنف، البعض يعتبر كاميرات ثقب الإبرة بأنواعها من كاميرات ألعاب، البعض يصر على أن تكون الكاميرا مصنوعة من البلاستك وتستخدم عدسة بلاستيكية لكي يصنفها على أنها كاميرا ألعاب، لكن في رأيي كل هذا لا يهم، من الأفضل إلقاء نظرة على أنواع مختلفة من هذه الكاميرات وأترك الحكم للقارئ … هذا إن كان أحد يهتم بالأمر!
لكن قبل ذلك لا بد من طرح سؤال لماذا، ما الذي يدفع البعض لاستخدام هذه الكاميرات؟ في البداية هناك عنصر المتعة، في أي مجال تقريباً هناك محترفون وهواة وأنا أقف في صف الهواة دائماً لأنني أجد أنهم يستمتعون بما يفعلون ولا يجدون مشكلة في كون أعمالهم ناقصة أو فيها عيب ما بل على العكس هذا جزء من المتعة، كثير من المحترفين يأخذون أعمالهم بجدية لأنهم يريدون الأفضل وهذا أمر ضروري بالتأكيد لكنه لكثير من الناس أمر زائد عن الحد ويقتل المتعة، التصوير بكاميرات الألعاب ممتع.
الإنترنت جمعت شمل محبي كاميرات الألعاب وبينت أنهم ينتشرون حول العالم بل وكثير منهم مصورون محترفون يرغبون في الابتعاد قليلاً عن أدوات التصوير غالية الثمن ليستمتعوا بألعاب بلاستيكية رخيصة وممتعة، يريدون إنشاء صور فنية لا يمكن توقع نتائجها.
لا حاجة للتفكير عندما تستخدم كاميرا ألعاب، النتيجة ستكون سيئة على كل حال مقارنة مع الكاميرات الاحترافية لكن النتيجة ستكون غير متوقعة وعشوائية، ارفع الكاميرا وصور بها، ضع الكاميرا خلفك وصور المنظر الذي لا تراه عينك، امسك الكاميرا بيد واحدة وصور الأشياء أو الأشخص من زاوية منخفضة، صور أشياء لا يهتم بها أحد أو لا يفكر أحد بتصويرها، لا تتبع أي قواعد، لا يوجد في عالم كاميرات الألعاب محترف ومبتدأ بل الكل يمكن وصفهم بالهواة، هذا جزء من ثقافة كاميرات الألعاب وهذا في رأيي ما يجعلها ممتعة.
ثم هناك البساطة، كاميرات الألعاب في الغالب بسيطة فلا توجد إعدادات ولا توجد خصائص وكثير منها لا يزيد عن كونه صندوقاً بعدسة وزر لالتقاط الصور وباب خلفي لوضع الفيلم، هذا كل شيء، وبسبب هذه البساطة هناك إمكانية كبيرة لتعديل الكاميرات وإضافة خصائص مختلفة لها كالعدسات أو وضع ثقب إبرة مكان العدسة أو إضافة مرشحات أو إضاءة فلاش أو تحويلها لكاميرا رقمية أو إضافة إمكانية التعامل مع أنواع مختلفة من الأفلام، عالم مفتوح وواسع ولأن كاميرات الألعاب رخيصة غالباً لن يجد مستخدمها حرجاً في تعديلها على عكس الأدوات الاحترافية الغالية التي لا أظن أن أحداً يجرؤ على إضافة تعديلات جذرية لها.
لكن في هذه الأيام هناك برامج مختلفة للحاسوب ولآيفون يمكنها محاكاة كاميرات الألعاب فما الفائدة من شراء كاميرا اللعبة؟ مرة أخرى الموضوع يدور كله حول العشوائية ثم المتعة التي يجدها الناس في التعامل مع كاميرات مختلفة بأيديهم، البرامج تعطي نتائج متوقعة وتلغي جانباً كبيراً من متعة كاميرات الألعاب.
في النهاية لا بد أن أسأل: ما المانع؟ خذ أي كاميرا والتقط أي صورة بأي شكل، لا شيء يمنع ذلك خصوصاً إن كانت الكاميرا رقمية فإن لم تعجبك الصورة يمكنك حذفها، لذلك أستغرب كيف أن البعض يتعاملون بحذر مع التقاط الصور، يريدون لصورهم أن تكون كاملة جميلة من أول مرة وهذا مضيعة للوقت، تعامل مع التصوير على أنه لعبة مسلية وسترى أنك تتعلم أكثر وتجرب أكثر ولا شك لدي أنك ستلتقط صوراً أفضل، سواء كانت تملك كاميرا جيدة أو كاميرا لعبة رخيصة رديئة.
بداية من الموضوع التالي سألقي نظرة على أنواع من كاميرات الألعاب وأتحدث عن ماضيها قليلاً.